السبت، 28 سبتمبر 2013

علي أنـوزلا و الفاتورة
قضية أنوزلا لا تستحق طرح التساؤلات حول تنزيل مقتضيات الدستور و استعراض المواد الدستورية المتعلقة بحرية التعبير و الرأي و الحق في المعلومة، كما أنه لا مجال لمناقشة إشكالية المحاكمة و الخروقات التي شابت مسطرة المتابعة، أو طرح التساؤلات المتعلقة بالتكييف القانوني  والقانون الواجب تطبيقه: هل قانون الصحافة أم قانون الإرهاب؟ و لا حتى مناقشة محتوى الشريط التي قد تجرك لتساؤلات أعمق تهم معدلات الفقر، البطالة، بقاء البلاد بدون حكومة لمدة قياسية، الارتفاع المتزايد في الأسعار، ألا تشكل كل هذه الأمور تهديدات لاستقرار البلاد؟
 الأمر اليوم لا يعدو أن يكون مجرد تجديد في الوسائل للخروج من روتين التهم التقليدية التي تلفق للأقلام الصحفية المزعجة فاللائحة معروفة و هي تضم العمالة، المخدرات، شيك بدون رصيد، إهانة موظف، الشذوذ، الخيانة الزوجية...لكن الإشكال هو المنطق المخزني الذي لايزال متشبثا بنفس المنطق ضد معارضيه. منطق تصفية الحسابات أي أداء "الفاتورة" و فاتورة علي أنوزلا تحمل حسابات كثيرة لعل أهمها حساب فضيحة العفو، حساب الترجمة، حساب بعثة المينورسو... عندما تتشبث بهذا المنطق فإنك لا تملك الحق في نعث المنتقدين بالتشاؤم و تبخيس الإنجازات،  كما أنك لا تملك الحق بمطالبتهم باستعمال نظارات وردية.
بالإضافة إلى هذا الإشكال، نجد واقع السلطة الرابعة اليوم الذي يمكن تلخيصه في قصة اللصوص الذين سرقوا مجموعة كبيرة من البيوت، وعندما انتهوا من العملية طلب أحدهم أن يقوموا بعد ما سرقوه فقال له لص آخر: استرح يا غبي غدا نقرأ ذلك في الصحف. هذه القصة تختزل الواقع المرير الذي تعيشه السلطة الرابعة في بلادنا، حيث اصطفت الكثير من الأقلام في خانة العد و الحساب ونقل الحصيلة. قليلون هم من رفضوا تلك الخانة البئيسة باحثين عن الإجابة عن الأسئلة الصعبة التي تبدأ بمن وكيف و لماذا، أولئك الذين ينعتونهم بالمزعجين.
  إنك لا تجانب الواقع إذا ما اعتبرت أن الصحافة اليوم تنتهج الانتظارية: انتظار الحدث لتقوم بوصفه، انتظار السب بين السياسيين لنقله، انتظار الدعوات للتغطيات، انتظار الإشارات لتكون وسيلة لتصفية الحسابات بين الجهات، انتظار المس بانتماءها السياسي للهجوم و الدفاع، انتظار التعاليق الفايسبوكية لتجميعها على شكل مقال، هي صحافة لا تخلق الحدث بل تكتفي بالوصف دون تقييم أو نقد.
رفض علي أنوزلا أن يضع قلمه في تلك الخانة البئيسة، و هو من الأقلام القليلة التي تضطرك لحمل مقصك للإحتفاظ بمقالته على شكل قصاصة من خلال تجربة الجريدة الأولى أو تضطر لطبعها من خلال التجربة الالكترونية" موقع لكم". قلم علي أنوزلا أزعج الكثيرين داخل الأوساط السياسية و الصحافية، في زمن انقرضت فيه الأقلام المزعجة.  
 اختار علي أنوزلا معركة حرية التعبير و الرأي. المعركة التي لم تعرف أي هدنة، رافضا الانخراط في التكتل الذي يتحدث اليوم  بطريقة إسهالية عن التحول الديموقراطي الكبير الذي نعيشه في المغرب، معبرا عن رأيه في كل الملفات، حتى تلك التي يقال أنها ذات طابع تخصصي و احترافي كالسياسة الخارجية. هنا تجدر الإشارة إلى المقال الذي أزعج الكثيرين و الذي طرح من خلاله تساؤلات حول أسباب الخوف من توسيع صلاحيات بعثة المينورسو في الصحراء  لتشمل مراقبة حقوق الإنسان، كما انتقد في المقال نفسه الطريقة التي يتم بها تدبير ملف الصحراء. اتهم حينها أنوزلا بالخروج عن الإجماع الوطني، كما شكك الكثيرون في وطنيته. أقلام الخانة البئيسة يستغلون الفرصة اليوم من أجل الانتقام لفشلهم، خاصة الأقلام صاحبة الانتماء السياسي التي سمحت لها كراسي السلطة بإلقاء البيانات المنددة بقلم جريء أقلام شعارها الدائم" متقيش مصالحي".








السبت، 1 سبتمبر 2012

مـمـنـوع الـولادة


مـمـنـوع الـولادة


 قريبا سيطلق على المغاربة لقب الشعب الذي يولد في الهواء الطلق. و يرجع السبب في هذا اللقب الجديد هوالارتفاع الذي عرفه عدد حالات وضع النساء المغربيات لمواليدهن في الشوارع و على الأرصفة و حتى الطاكسيات. أمام هذه الوضعية لن نفاجأ مستقبلا  إذا ما أضافت وزارة التجهيز و النقل علامة جديدة لتنظيم المرور مكتوب عليها ممنوع الولادة و لربما تلجأ الحكومة مستقبلا إلى اتخاذ إجراءات استعجالية لتحديد النسل خاصة الفئات الفقيرة مع الدعاء "بالعقر" للمغربيات حيث أصبحن يساهمن في الإساءة لصورة المغرب لدى المنظومة الدولية. كما ستسعى الحكومة جاهدة إلى اتخاذ إجراءات صارمة لمنع الحوامل من احتلال الملك العمومي لغرض الولادة.
اليوم و أنت تطالع الجرائد الورقية و الالكترونية و المواقع الاجتماعية،  تلاحظ تناسل الصور الصادمة لنساء و هن في حالة الوضع حيث تظهر أفخادهن و عوراتهن للعالم أجمع.
ما يحز في القلب هو هذا الصمت الكارثي  اتجاه هذه الإهانات و المآسي التي تعانيها النساء أمام أبواب المستشفيات العمومية و خاصة من قبل ما يسمى بالحركات النسائية التي لا تسمع عنها إلا في المواسم الانتخابية و يوم 8 مارس و التي غرقت في المطالبة بالحقوق السياسية للمرأة و أغفلت حقوقها المدنية الاجتماعية و الاقتصادية حيث تتحدث عن المناصفة و المساواة و هي لم تساهم في إنصاف المرأة حتى في أبسط حقوقها.
أما على مستوى البرلمان و  ممثلات الأمة بالتحديد، فكلنا نتذكر كيف انتفضت نائبات برلمانيات حين ظهرت أفخاد النائبة البرلمانية المستريحة صاحبة الصورة المشهورة، حيث اعتبرن الأمر عنفا رمزيا و مساسا بكرامة المرأة المغربية و خصص للبرلمانية ترحيب خاص و استقبلت بالتصفيق و عبارات التضامن. أما عندما ظهرت أفخاد من صوتن عليهن و كانوا السبب في جلوسهن على كراسي البرلمان المريحة فلم نشاهد أية انتفاضة مماثلة ! طبعا الأمر لا يتعلق بأن تتخصص النائبة البرلمانية في الدفاع عن القضايا التي لها علاقة بالمرأة فقط، و لكن كنا ننتظر ردود أفعال قوية من النائبات البرلمانيات فكما دافعن بحرقة عن أفخاد زميلتهن، كان عليهن أن يقمن بمبادرة مماثلة للدفاع عن أفخاد نساء بسيطات لا يملكن ثمن الولوج لمستشفى عمومي...
فيما يناقش الكثيرون مسألة الركوع في حفل الولاء، هناك نساء يركعن و يقبلن الأيادي و يتوسلن في المستشفيات من أجل أن تقدم لهم خدمة هي في الأصل حق معترف به في المواثيق الدولية و التشريعات والبرامج الوطنية التي يستشهد بها المغرب في التقارير التي يقدمها بصفة منتظمة للمؤسسات الدولية خاصة منظمة الأمم المتحدة
.


جميلة بركاوي
jamilaberkaoui@gmail.com